responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 151
«الْكَشَّافِ» : مَحَلُّ الَّذِينَ جَرٌّ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ أَوْ نَصْبٌ عَلَى الْمَدْحِ أَوْ رَفْعٌ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَى الْغَيْبِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا:
يَخْشَوْنَ عَذَابَ رَبِّهِمْ فَيَأْتَمِرُونَ بِأَوَامِرِهِ وَيَنْتَهُونَ عَنْ نَوَاهِيهِ وَإِيمَانُهُمْ باللَّه غَيْبِيٌّ اسْتِدْلَالِيٌّ، فَالْعِبَادُ يَعْمَلُونَ للَّه فِي الْغَيْبِ واللَّه لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. وَثَانِيهَا: يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَهُمْ غَائِبُونَ عَنِ الْآخِرَةِ وَأَحْكَامِهَا. وَثَالِثُهَا: يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الْخَلَوَاتِ إِذَا غَابُوا عَنِ النَّاسِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ خَشْيَتَهُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّه لَازِمٌ لِقُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُظْهِرُونَهُ فِي الْمَلَا دُونَ الْخَلَا وَهُمْ مِنَ عَذَابِ السَّاعَةِ وَسَائِرِ مَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ الْحِسَابِ وَالسُّؤَالِ مُشْفِقُونَ فَيَعْدِلُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْإِشْفَاقِ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ وَكَمَا أَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْفُرْقَانَ فَكَذَلِكَ هَذَا الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَيْكَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ بَرَكَتُهُ كَثْرَةُ مَنَافِعِهِ وَغَزَارَةُ عُلُومِهِ وَقَوْلُهُ: أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا إِنْكَارَ فِي إِنْزَالِهِ وَفِي عَجَائِبِ مَا فِيهِ فَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ التَّوْرَاةَ، ثُمَّ هَذَا الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النَّظْمِ الْعَجِيبِ وَالْبَلَاغَةِ الْبَدِيعَةِ وَاشْتِمَالِهِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَبَيَانِ الشَّرَائِعِ، فَمِثْلُ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ كَثْرَةِ مَنَافِعِهِ كَيْفَ يُمْكِنُكُمْ إنكاره.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 51 الى 55]
وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (51) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (52) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (53) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (55)

الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ، [قصة] إبراهيم عليه السلام
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الرُّشْدِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ النُّبُوَّةُ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ قَالُوا: لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَخُصُّ بِالنُّبُوَّةِ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَقُومُ بِحَقِّهَا وَيَجْتَنِبُ/ مَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَيَحْتَرِزُ عَمَّا يُنَفِّرُ قَوْمَهُ مِنَ الْقَبُولِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ الِاهْتِدَاءُ لِوُجُوهِ الصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ تَدْخُلَ النُّبُوَّةُ وَالِاهْتِدَاءُ تَحْتَ الرُّشْدِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَدْ دَلَّهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَدَلَّهُ أَيْضًا عَلَى مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَمَصَالِحِ قَوْمِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الرُّشْدِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ للَّه تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّشْدُ هُوَ التَّوْفِيقُ وَالْبَيَانُ فَقَدْ فَعَلَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ بِالْكُفَّارِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَدْ آتَاهُمْ رُشْدَهُمْ. أَجَابَ الْكَعْبِيُّ: بِأَنَّ هَذَا يُقَالُ فِيمَنْ قَبِلَ لَا فِيمَنْ رَدَّ، وَذَلِكَ كَمَنْ أَعْطَى الْمَالَ لِوَلَدَيْنِ فَقَبِلَهُ أَحَدُهُمَا وَثَمَّرَهُ وَرَدَّهُ الْآخَرُ أَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ ضَيَّعَهُ. فَيُقَالُ:
أَغْنَى فُلَانٌ ابْنَهُ فِيمَنْ أَثْمَرَ الْمَالُ، وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِيمَنْ ضَيَّعَ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ: هَذَا الْجَوَابُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا جَعَلْنَا قَبُولَهُ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الرُّشْدِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ جُزْأَيْنِ وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مَقْدُورَ الْفَاعِلِ لَمْ يَجُزْ إِضَافَةُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى إِلَى ذَلِكَ الْفَاعِلِ فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إِضَافَةُ الرُّشْدِ إِلَى اللَّه تَعَالَى بِالْمَفْعُولِيَّةِ لَكِنَّ النَّصَّ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ صريح في أَنَّ ذَلِكَ الرُّشْدَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنَ اللَّه تعالى فبطل ما قالوه.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست